الأسئلة والأجوبة المفيدة
في
لطائف بعض الآيات القرآنية
للدكتور / فاضــل صالـح السامرائــــــــي
أستاذ النحو في جامعة الشارقة
1- سؤال: ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (هذا بلاغ للناس) سورة إبراهيم آية 52 و(بلاغ) سورة الأحقاف آية 35؟
كلمة (بلاغ) في سورة الأحقاف هي خبر لمبتدأ محذوف وتقديره : هذا بلاغ. ففي سورة الأحقاف سياق الآيات التي قبلها والمقام هو مقام إيجاز لذا اقتضى حذف المبتدأ فجاءت كلمة بلاغ ولم يخبرنا الله تعالى هنا الغرض من البلاغ ، أما في سورة إبراهيم فإن الآيات التي سبقت الآية (هذا بلاغ للناس) فصّلت البلاغ والغرض منه من الآية (ولا تحسبن الله غافلاً عمّا يعمل الظالمون) آية 42.
2- سؤال: (هل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب) سورة ثم الآية (فقالوا خصمان بغى بعضنا على بعض) وقوله تعالى (هذان خصمان اختصموا في ربهم) سورة ، لماذا جاءت الخصم مرة مفردة ومرة مثنى وجمع؟
الخصم تأتي للمفرد والجمع (هل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب) مثل كلمة بشر والفلك وضيف وطفل، وربما تأتي للتثنية (هذان خصمان اختصموا في ربهم) .يقول المفسرون هما فريقان كل فريق له جماعة فلمّا جاءا يختصمان جاء من كل فريق شخص واحد يمثّل الفريق والمتحدثان هما أصحاب المسألة (خصمان). كما في قوله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) فكل طائفة لها جماعة عند الصلح يأتي من كل طائفة من يفاوض باسمها لكن إذا وقع القتال بينهما يقتتل كل الأفراد، فإذا اختصم الفريقين يقال اختصموا وإذا اختصم أفراد الفريقين يقال اختصموا. وكذلك في كلمة بشر (أبشراً منا واحده نتبعه) وقوله تعالى (بل أنتم بشر مما خلق). وكلمة (طفل) قد تأتي للمفرد وجمع وقد يكون لها جمع في اللغة (الأطفال) وقد استعمل القرآن هاتين الكلمتين.
3- سؤال: ما الفرق بين البأساء والضرّاء من حيث المعنى في القرآن الكريم؟
البأساء هي الشدّة عموماً ولكن أكثر ما تُستعمل في الأموال والأنفس. أما الضرّاء فتكون في الأبدان.
4- سؤال: (إن ربك هو أعلم من يضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) سورة الأنعام والآية (إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله) سورة النحل، ما الفرق من الناحية البيانية بين (بمن ضلّ) و(من يُضلّ)؟
من استفهامية وهي من باب التعليق ومعلّقة والجملة في محل نصب مفعول به لفعل مقدّر.
بمن: موصولة ومعناها هو أعلم بالذي ضلّ عن سبيله.
5- ما الفرق بين كلمتي (عباد) و(عبيد) في القرآن؟
كلمة عباد تضاف إلى لفظ الجلالة فالذين يعبدون الله يضافون للفظ الجلالة فيزدادون تشريفاً فيقال عباد الله كما ورد في سورة الفرقان (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً {63})، أما كلمة عبيد فهي تُطلق على عبيد الناس والله معاً وعادة تضاف إلى الناس ، والعبيد تشمل الكل محسنهم ومسيئهم كما ورد في سورة ق (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ {29}). العبد يُجمع على عباد وتاعبد يُجمع على عبيد.
6- ما اللمسة البيانية في استخدام كلمة (الله) و(الربّ) في الآيتين: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا) سورة النساء وقوله تعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم) سورة النساء؟
لفظ الجلالة الله هو اللفظ العامّ لله تعالى ويُذكر هذا اللفظ دائماً في مقام التخويف الشديد وفي مقام التكليف والتهديد. أما كلمة الربّ فتأتي بصفة المالك والسيّد والمربي والهادي والمرشد والمعلم وتأتي عند ذكر فضل الله على الناس جميعاً مؤمنين وغير مؤمنين فهو سبحانه المتفضّل عليهم والذي أنشأهم وأوجدهم من عدم وأنعم عليهم. والخطاب في الآية الثانية للناس جميعاً وهو سبحانه يذكر النعمة عليهم بأن خلقهم والذين من قبلهم، ولذا جاءت كلمة (ربكم) بمعنى الربوبية . وعادة عندما تذكر الهداية في القرآن الكريم تأتي معها لفظ الربوبية (ربّ).
7- ما دلالة كلمة (لنريه) في سورة الإسراء؟
قد يحتمل المعنى أن الرسول أُعطي الرؤية الإلهية وتعطلت الرؤية البشرية وربما يكون سبحانه وتعالى قد أعطاه رؤية قوية أكثر من قدرة البشر بدليل أنه رأى القافلة ورأى موسى وهو يصلي في قبره ورأى جبريل عليه السلام. والله أعلم.
8- ما إعراب كلمة (الشُّحَ) في قوله تعالى (وأحضرت الأنفسُ الشُّحَ)
فعل أحضر يأخذ مفعولين وكلمة الشح هي مفعول به ثاني لفعل أحضر، والأنفس نائب فاعل والمعنى أحضرنا الأنفس الشُّحَّ، فكأنما المعنى أنه أحضر الشح للأنفس أو جيء بالشح وأُحضر للأنفس. (وعليه يكون الأنفس مفعول به أول والشح مفعول به ثاني). وكأن الله تعالى أحضر الأنفس عندما خلقها خلق الشحّ وجعله فيها.
9- في سورة يوسف الآية (ليسجنن وليكوناً من الصاغرين) جاءت لفظة (ليكوناً) بالتنوين لماذا؟
في (ليكوناً) هذه ليست تنوين وإنما هي نون التوكيد الخفيفة إذا وُقف عليها يوقف عليها بالألف ويجوز أن تُرسم بالتنوين. وفي كلمة (ليسجنن) هذه نون التوكيد الثقيلة وهي مؤكّدة أكثر من الخفيفة وقد دلّت في المعنى أن دخوله السجن آكد من كونه من الصاغرين.
10- ما إعراب كلمة (الوصية) في قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ {180}) سورة البقرة؟
الوصيةُ نائب فاعل
11- لماذا الإستثناء في قوله تعالى في سورة هود : (خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك) ؟
قال تعالى في سورة هود (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ {106} خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ {107} وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ {108}) أولاً السموات والأرض في هذه الآية هي غير السموات والأرض في الدنيا بدليل قوله تعالى (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات). أما الإستثناء فلأن الخلود ليس له أمد، والحساب لم ينته بعد ولم يكن أهل الجنة في الجنة ولا أهل النار في النّار فاستثنى منهم من في الحساب. وقول آخر أن أهل النار قد يُخرج بهم إلى عذاب آخر أما أهل الجنة فهناك ما هو أكبر من الجنة ونعيمها وهو رضوان الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم والله أعلم. قسم يقولون أن الإستثناء هو في مدة المكث في الحشر (مدته خمسين ألف سنة) وقسم من قال هذا حتى يقضي الله تعالى بين الخلائق، وقسم قال هم من يخرجون من النار من عصاة المسلمين، وقسم قال الإستثناء من بقائهم في القبر وخروجهم من الدنيا ، وقسم قال هو إستثناء من البقاء في الدنيا وهذه المعاني كلها قد تكون مرادة وتفيد أنهم خالدين فيها إلا المدة التي قضاها الله تعالى قبل أن يدخلوا الجنة أو قد تكون عامة لكن قضى الله تعالى أن يكونوا خالدين.
12- لماذا ذكر ( شعيب) في سورة الشعراء بينما ذكر (أخوهم شعيب) في سورة هود؟
شعيب أُرسل إلى قومين هما قوم مدين وهو منهم فعندما ذهب إليهم قال تعالى (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ {84}) وأصحاب الأيكة ولم يكن منهم وليسوا من أهله فلم يذكر معهم أخوهم شعيب لأنه ليس أخوهم (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ {176} إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ {177}). وكذلك في القرآن الكريم لم يذكر في قصة عيسى أنه خاطب قومه بـ (يا قوم) وإنما كان يخاطبهم بـ (بني إسرائيل) لأنه ليس له نسب فيهم أما في قصة موسى فالخطاب على لسان موسى جاء بـ (يا قوم) لأنه منهم.
13- ما اللمسة البيانية في استخدام (لا أقسم) في القسم في القرآن الكريم؟ (لا أقسم بيوم القيامة) (لا أقسم بهذا البلد) ؟
لم يرد في القرآن كله كلمة (أقسم) أبداً وإنما استخدم لفظ (لا أقسم) بمعنى أقسم و(لا) لتأكيد القسم. فقد يكون الشيء من الوضوح بمكان بحيث لا يحتاج لقسم وهذا تعظيم للشيء نفسه. وقد تعني (لا أقسم) أحياناً أكثر من القسم (زيادة في القسم).
14- ما الفرق البياني بين قوله تعالى (ما منعك أن تسجد) سورة ص و(ما منعك ألا تسجد) سورة الأعراف؟
هناك قاعدة(لا) يمكن أن تُزاد إذا أُمن اللبس، وسُمّيت حرف صلة وغرضها التوكيد وليس النفي. ونلاحظ أن سياق الآيات مختلف في السورتين ففي سورة الأعراف الآيات التي سبقت هذه الآية كانت توبيخية لإبليس ومبنية على الشدة والغضب والمحاسبة الشديدة وجو السورة عموماً فيه سجود كثير.
15- ما دلالة تكرار الآية (فبأي آلآء ربكما تكذبان) في سورة الرحمن؟
تكرار الآيات قد يكون للتوكيد ففي ذكر النار من قوله تعالى (سنفرغ لكم أيها الثقلان) تكررت الآية 7 مرات على عدد أبواب جهنم أما في الجنة (من دونهما جنتان) تكررت الآية 8 مرات على عدد أبواب الجنة.
وفي نفس الآية لمن يوجّه الله تعالى خطابه في قوله (فبأي آلاء ربكما تكذبان)؟
نلاحظ أول آية في سورة الرحمن ابتدأت فيها هذه الآية ويقول المفسرون أن المقصود بهما الثقلان أي الإنس والجنّ. لكن السؤال لماذا جاءت أول مرة ولمن الخطاب هنا؟ يقول عامة المفسرون أنه ليس بالضرورة عندما تخاطب واحداً أو جماعة أن يسبقه كلام فمن الممكن مخاطبة جماعة لأول مرة بدون سابق خطاب (أين أنتم ذاهبون؟) ومع ذلك فقد ورد قبلها ما يدل على المخاطبين فقد قال تعالى (والأرض وضعها للأنام) والأنام من معانيها الثقلان أي الإنس والجنّ (وقسم من المفسرين يحصرونها بهذا المعنى) ومن معانيها : البشر ، وقسم آخر يقول : أنها تعني كل المخلوقات على الأرض ؛ لكن قطعاً من معانيها الثقلين مما يشمل الإنس والجنّ. والأمر الثاني هو أنه قبل الآية الأولى فيها خطاب المكلفين وهما الإنس والجن (أن لا تطغوا في الميزان* وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان) والمكلفين هما الإنس والجنّ. وإذا أخذنا معنى الأنام المقصور على الثقلين انتهى الأمر وإذا أخذنا المعنى أنه المخلوقات جميعاً فالآيات تفيد التخصيص. ثم قال تعالى (الرحمن * علّم القرآن) والقرآن هو للإنس والجنّ. إذن من الممكن أن يخاطب تعالى الثقلين مباشرة دون أن يسبقه كلام وإنما في هذه الآيات سبقه كلام وأوامر ونواهي للثقلين والكتاب الذي أُنزل للإنس والجنّ إذن هو خطاب عادي للثقلين في قوله تعالى (فبأي آلآء ربكما تكذبان).
يبقى سؤال آخر: جاء الخطاب في الآية للثقلين (بالمثنّى) وقال تعالى (وأقيموا الوزن) بالجمع لماذا؟ الخطاب للثقلين بالمثنى هو للفريقين عموماً وهما فريقان اثنان (فريق الإنس وفريق الجنّ) على غرار قوله تعالى (قالوا خصمان) وقوله (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) وصيغة الجمع تدل على أن الخطاب هو لكل فرد من أفراد هذين الفريقين.
في بداية السورة قال تعالى (خلق الإنسان * علّمه البيان) الآية تدل على خلق الإنسان مع أن الأنام فيما بعد تدل على المخلوقات عامة وذلك لأن الإنسان هو الذي أُنزل عليه الكتاب أو القرآن وبيّنه للثقلين. وعلّمه البيان بمعنى ليبيّن عن نفسه والبيان هو القدرة على التعبير عمّا في النفس، والله أعلم.
16- ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (ليس البِرَّ أن تولوا وجوهكم) سورة البقرة وقوله تعالى (ليس البرُّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها) سورة البقرة؟
البرَّ بالفتحة في الآية الأولى هي خبر ليس و" أن تولوا " هو الاسم ، أما في الآية الثانية فكلمة (البرُّ) بالضم هي اسم ليس.
17- ما الفرق بين كلمة (المخلَصين) بفتح اللام وكلمة (المخلِصين) بكسر اللام؟
المخلَصين بفتح اللام تعني من أخلصه الله لعبادته وطاعته، أما المخلِصين بكسر اللام فتعني من أخلص نفسه لعبادة الله وطاعته.
18- ما معنى قوله تعالى (وأُمرت أن أكون أول المسلمين) عن سيدنا محمد مع العلم أن الأنبياء قبله كانوا مسلمين؟
الإسلام هو دين الله وهو الدين من أول الأنبياء إلى يوم الدين وقد سبق في القرآن الكريم ذكر نوح وإبراهيم ولوط ومن اتبعهم بأنهم من المسلمين لكن دين الإسلام كإسلام أُطلق على ديننا وسيدنا محمد هو أول من أسلم.
19- ما اللمسة البيانية في قوله تعالى في سورة الحجر (ربما يودّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين) بتخفيف الباء في كلمة (ربما)؟
هذه الآية فيها قراءتان متواتران صحيحتان نزل بهما الروح الأمين إحداهما مشددة (ربّما) والأخرى مخففة (ربما) فهي من الناحية اللغوية موجودة في اللغة ولا إشكال في هذا. أما من ناحية السر البياني فقد اختلفوا في (رُبّ) وقسم قالوا أنها تفيد التكثير (رُبّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه) وقسم قال إنها تفيد التقليل وهذا معناها على العموم. ويكون التقليل أو التكثير بحسب المعنى. يبقى التخفيف وعدم التخفيف يوجد في اللغة حروف تخفف مثل (إنّ) وتخفف وتصبح (إن) وكذلك نون التوكيد الثقيلة تخفف إلى نون التوكيد الخفيفة مثل قوله تعالى (وليسجنن وليكوناً) في سورة يوسف فالنون في (ليسجنن) نون توكيد ثقيلة وفي (ليكوناً) هي نون توكيد مخففة. وقديماً كانت النون المخففة أخف من النون الثقيلة لأن تكرار النون بمثابة تكرار التوكيد مثل السين وسوف ؛ السين مقتطعة من سوف وتفيد زمناً أقل.
(رب) في معناها أقل في التقليل والتكثير من (رُبّ) و (ربّما) أشد في معناها من ربما المخففة. وكلمة (ربما) تحتمل أن تكون قد قيلت في الدنيا عندما رأوا الغنائم في بدر وغيرها فقسم تمنى أن يكون مسلماً ليأخذ الغنائم وهنا جاءت بمعنى التمني . ويحتمل أن تكون قد قيلت في الآخرة عندما يُعطى المسلمون الأجور العظيمة فيتمنى الكافرون لو كانوا مسلمين وهنا تأكيد على تمنيهم لأنهم رأوا أجر المسلمين. وفي الدنيا هناك من يتمنى كثيراً أن يكون مسلماً ومنهم من يتمنى قليلاً أن يكون مسلماً عند رؤية الغنائم فكل منهم يتمنى حسب رغبته في الغنائم وحسب ما يرى من الغنائم ، أما في الآخرة فهم يرغبون قطعاً رغبة قوية أن يكونوا مسلمين وهذان الإحتمالان التمني القليل والتمني الكثير لا يمكن أن يُعبّر عنهما إلا باستخدام القراءتين اللتين وردتا في الآية (ربّما المشددة) و(ربما المخففة) فشمل كل الإحتمالات في جميع المواقف في الدنيا وفي الآخرة.
(ربما) بدون شدّة تأتي للتخفيف وهو لغرض التخفيف في الحدث، لم تكن المودة قوية لتحملهم على الإسلام لذا قال تعالى (ربما) مخففة. فإذا أراد تشديد المودة جاء بلفظ (ربّما) مشددة، وإذا أراد تخفيف المودة جاء بلفظ (ربما) بدون شدّة.
20- ما اللمسة البيانية في استعمال صيغة المضارع مرة وصيغة الماضي مرة أخرى في قوله تعالى (من كان يريد الآخرة) و (من أراد الآخرة)؟
استعمال فعل المضارع مع الشرط يكون إذا كان مضمون أن يتكرر. أما استعمال فعل الماضي فالمضمون أن لا يتكرر أو لا ينبغي أن يتكرر. كما نلاحظ أيضاً في قوله تعالى (ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد) ينبغي تكرار الشكر لذا جاء بصيغة الفعل المضارع (يشكر) أما الكفر فيكون مرة واحدة وهو لا ينبغي أن يتكرر فجاء بصيغة الماضي في قوله (كفر). كذلك في قوله تعالى (من قتل مؤمناً خطأ) المفروض أن القتل وقع خطأ والمفروض أن لا يتكرر أما في قوله تعالى (من يقتل مؤمناً متعمداً) هنا تكرار للفعل لأنه قتل عمد.
21- ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) في سورة الإسراء وقوله تعالى (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) في سورة الأنعام ؟
في الآية الأولى في سورة الإسراء الأهل ليسوا فقراء أصلاً وعندهم ما يكفيهم ولا يخشون الفقر ولكنهم يخشون الفقر في المستقبل إذا أنجبوا بأن يأخذ المولود جزءاً من رزقهم ويصبح الرزق لا يكفيهم هم وأولادهم ويصبحوا فقراء فخاطبهم الله تعالى بقوله (نحن نرزقهم وإياكم) ليطمئنهم على رزقهم أولاً ثم رزق أولادهم ولهذا قدّم الله تعالى رزقهم على (إياكم) لأنه تعالى يرزق المولود غير رزق الأهل ولا يأخذ أحد من رزق الآخر. أما في الآية الثانية فهم فقراء في الأصل وهمّهم أن يبحثوا عن طعامهم أولاً ثم طعام من سيأتيهم من أولاد فالله تعالى يطمئن الأهل أنه سيرزقهم هم أولاً ثم يرزق أولادهم لأن الأهل لهم رزقهم والأولاد لهم رزقهم أيضاً
22- ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (من عزم الأمور) سورة لقمان وقوله تعالى (لمن عزم الأمور) في سورة الشورى؟
لو لاحظنا الآيات قبل هذه لوجدنا أن في سورة لقمان جاءت الآية (واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) سورة لقمان آية 17 ، أما في الآية الأخرى في سورة الشورى (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) آية 43 وهنا ورد ذكر أمرين الصبر والغفران وهما أشدّ من الصبر وحده التي وردت في سورة لقمان فكانت الحاجة لتوكيد الأمر باستخدام لام التوكيد والقسم في كلمة (لمن) لأنه أشقّ على النفس. فالصبر قد يقدر عليه كثير من الناس لكن أن يصبر ويغفر هذا بالطبع لا يقدر عليه الكثيرون ويحتاج إلى مشقة أكبر لذا اقتضى توكيد الأمر بأنه من عزم الأمور مؤكداً بخلاف الصبر وحده الذي ورد في سورة لقمان.
23- ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (واصبر نفسك) وقوله تعالى (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها)؟
اصطبر جاءت في الصلاة لأنها مستمرة كل يوم وزيادة المبنى تفيد زيادة المعنى والصلاة كل يوم في أوقاتها وتأديتها حق ، أدائها وإتمامها يحتاج إلى صبر كبير لذا جاءت كلمة (اصطبر) للدلالة على الزيادة في الصبر.
24- ما اللمسة البيانية في استخدام صيغة المذكر مرة والمؤنث مرة أخرى في قوله تعالى (ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا) سورة الأحزاب آية 31؟ ثم لماذا الخطاب مرة لجماعة الإناث ثم لجماعة الذكور؟
القاعدة النحوية هو أن الفعل يؤنّث ويذّكر فإذا كان الفعل مؤنثاً ووقع بين الفعل والفاعل فاصلاً ثم إن الخطاب الموجه لنساء النبي في قوله (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) هذا خطاب خاص بهن فجاء بصيغة خطاب الإناث أما في الآية (يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) هذا الخطاب يشمل كل أهل بيت النبوة وفيهم الإناث والذكور لذا اقتضى أن يكون الخطاب بصيغة المذكر.
وكذلك نلاحظ الفرق بين سورة يوسف (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ {30}) وآية سورة الأحزاب، الجمع الذي ليس له مفرد من نوعه يمكن معاملته معاملة المذكر والمؤنث. والتذكير يدلّ على القلة (قال نسوة) والتأنيث يدل على الكثرة (قالت الأعراب آمنا) وهكذا في القرآن كله كما في قوله تعالى (جاءتهم رسلهم) المجتمعات أكثر من (جاءكم رسل منكم).
25- ما الحكم النحوي في استخدام (من) و(ما)؟
(من) و(ما) يعامل لفظها الإفراد والتذكير ثم يؤتى بما يدلّ على المعنى. (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين) نبدأ بالإفراد والتذكير (هذا هو القياس) (ومن يقنت منكن).
(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ {74}) لما ومنه، لما ويشقق ومنه، لما ويهبط كلها فيها إفراد وتذكير. الأصل والأكثر في القرآن البدء بالإفراد والتذكير ثم يأتي ما يدل على المعنى.
26- ما اللمسة البيانية في استعمال كلمة (اليم) في قصة سيدنا موسى مع فرعون؟
اليمّ كلمة عبرانية وقد وردت في القرآن الكريم 8 مرات في قصة موسى وفرعون فقط لأن قوم موسى كانوا عبرانيين وكانوا يستعلون هذه الكلمة في لغتهم ولا يعرفون كلمة البحر ولهذا وردت كلمة اليمّ كما عرفوها في لغتهم آنذاك.
27- لماذا جاءت كلمة سيّد في القرآن الكريم في سورة يوسف (وألفيا سيدها لدا الباب)؟
أهل مصر كانوا يسمون الزوج سيداً وقد وردت هذه الكلمة مرة واحدة في سورة يوسف وفي القرآن كله لأنها كانت معروفة في لغتهم آنذاك.
28- ما الفرق من الناحية البيانية بين كلمتي (واللآئي) و(اللآتي) في القرآن الكريم ؟
لفظ اللآئي هي لفظة متخصصة وهي مشتقة من اللآء أو التعب وقد استخدم هذا اللفظ في الآيات التي تفيد التعب للنساء كما في الحيض في قوله تعالى: (واللآئي يئسن من المحيض). أما لفظ (اللآتي) فهو لفظ عام.
29- ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى في سورة الأنعام (مشتبهاً وغير متشابه) وقوله تعالى (متشابهاً وغير متشابه)؟
قوله تعالى (مشتبهاً وغير متشابه) تفيد لفت النظر إلى قدرة الله تعالى وهذا يفيد اللبس والإلتباس، أما في قوله تعالى (متشابهاً وغير متشابه) فهذا للتشابه وقد وردت الآيات في الإبل عامة ولا داعي للفت النظر إلى القدرة الإلهية هنا. فنفي التشابه ينفي الإشتباه من باب أولى، والتشابه قد يكون في جزئية معينة والإشتباه هو الإلتباس لشدة التشابه.
30- ما الفرق بين هذه الكلمات؟
سِخرياً وسُخرياً: سِخرياً بكسر السين هي من الإستهزاء والسُخرية ، أما سُخرياً بضم السين فهي من باب الإستغلال والتسخير.
يُقبل ويُتقبل: (يقبل) من الرسول يقبل الصلاة والزكاة ومن العباد وهم في الدنيا ، أما (يتقبل) فهو من الله تعالى يتقبل الأعمال أو لا وهذا في الآخرة.
كُرهاً وكَرهاً: (كُرهاً) بضم الكاف هو العمل مع المشقة أما (كَرهاً) بفتح الكاف فتفيد العمل بالإجبار من آخر.
طوعاً وطائعاً: (طوعاً) تعني تلقائياً من النفس و(طائعاً) تعني طائعاً لإرادة الله سبحانه وتعالى.
ضياء ونور: الضياء هو ضوء وحرارة مثل ضوء الشمس والسراج أما النور فهو ضوء بدون حرارة كنور القمر.
وعد وأوعد: (وعد) تأتي دائماً بالخير (وعد الله الذين آمنوا منكم) وأوعد تأتي بالشرّ.
قِسط وقَسط و قَسَط: (القِسط) بكسر القاف تعني العدل، و (القَسط) بفتح القاف تعني الظلم والقَسَط بفتح القاف والسين تعني الإنحراف.
31- ما الفرق بين قوله تعالى (رب اجعل هذا بلداً آمناً) سورة البقرة وقوله تعالى (رب اجعل هذا البلد آمناً) ؟
الآية الأولى هي دعاء سيدنا إبراهيم قبل أن تكون مكة بلداً فجاء بصيغة التنكير (بلداً) أما الآية الثانية فهي دعاء سيدنا إبراهيم بعد أن أصبحت مكة بلداً معروفاً فجاء بصيغة التعريف في قوله (البلد).
32- ما اللمسة البيانية في قوله تعالى (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة) وما دلالة سبعين في الآية؟
العدد المراد به حقيقة العدد في الأحكام كما في الكفارات (صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم) وكفارة اليمين (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) أو الإخبار عن الأمور التي وقعت (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً) (اختار موسى لقومه سبعين رجلا) وإما في مقام التكثير. ولقد اختلف المفسرون في حقيقة العدد ويبدو من النصوص أنه أراد حقيقة العدد لأنه لما نزلت هذه الآية قال : " سمعت ربي رخّص لي فلأستغفرنّ لهم سبعين وسبعين وسبعين " ففهم من الآية أن الله رخّص له أن يستغفر أكثر من سبعين لعلّ الله تعالى يغفر لهم لكن نزلت آية أخرى نسخت هذه الآية (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لن يغفر الله لهم) فنفت هذه الآية ما فهمه الرسول من الآية الأولى والله أعلم.
33- ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله تعالى (وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب) في سورة هود آية 62 وقوله تعالى (وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه) في سورة إبراهيم آية 9؟
في آية سورة هود الكلام في قصة صالح فجاء بلفظ (تدعونا) أما في سورة إبراهيم فالكلام عن مجموعة من الرسل لذا جاء قوله (تدعوننا).
الذي يبدو أنه عندما يأتي (إننّا) هو آكد ، (إنا) تأتي للتوكيد سواء كانت النون مشددة أو مخففة
نون التوكيد قد تأتي في أول الأسماء (إننا) وفي آخر الأفعال للتوكيد (ولتكوناً) (ليذهبنّ)
وعندما نقول (إننا) تحتمل معنيين: في مقام التفصيل (إننا) وفي مقام التوكيد (إننا) فلو قرأنا القصتين في السورتين لوجدنا أن قصة صالح فصّل تعالى فيها كثيراً فاقتضى التفصيل استخدام (إننا) وكذلك التكذيب في قوم صالح كان أشدّ فجاء التوكيد بلفظ (إننا) إذن القصة في قصة صالح أطول والتكذيب أشدّ في سورة هود ، بينما الكلام في سورة إبراهيم موجز فاقتضى التوكيد في سورة هود بـ (إننا) ولم يقتضي التوكيد في سورة إبراهيم بـ (إنا).